أنا أتذكر جيدا اليوم الذي قررتُ فيه أن أكون كاتباً، حيث كتبتُ في دفتر يومياتي «اليوم قررتُ أن آخذ الكتابة على مَحمل الجِدّ، وأن أستمر بدون توقف، وأن أتعلم كل ما يمكن تعلمُه لأصبح كاتباً». هذه العبارة أوردها جيمس سكوت في مقدمة كتابه (الحبكة والهيكل) والذي جعل مقدّمته أشبه ما تكون السيرة الذاتية، لرحلتِه الشاقة والطويلة لتعلّم صنعة الكتابة. قد يكون كثيرٌ منكم يعرفُ "جيمس سكوت بيل، ولكن القليل منكم فقط مَن يعرف قصَّتَهُ مع الكتابة.
يُعتبَـر "جيمس سكوت بيل" أحدَ أبرزِ مُدرِّبي الكتابة الإبداعية في العالم. وصاحبَ أكثرِ الكُتب مبيعا في العالَم كذلك، والحاصل على جائزة كريستي الدولية للتميز. هذه المكانة لمْ يَنلها جيمس سكوت هكذا صُدفة، بل سبَقتْها صعوباتٌ وكَبَوَاتٌ وتحدياتٌ كثيرة جدا، استطاع جيمس التغلب عليها جميعَها، وفرَضَ أخيرا رغبَتَه المُلِحَّة في تحقيق حُلُمِه في أنْ يُصبح كاتبا روائيا حقيقيا وناجحا. قِصة جيمس سكوت مع الكتابة طويلة جدا وشيّقة، ومادام سكوت قد استطاع هزم كلَّ تلك الصعوبات والعَقَبات التي واجهتْه، فبإمكاننا نحن كذلك أن نَحْدُوَ حدوَهُ، ونَهزم جميعَ العوائق والموانع والصعوبات التي تَحُولُ بينَنا وبين تحقيقِ حُلمنا في أنْ نصيرَ جميعاً كُتَّابا مثل "جميس سكوت" كلٌّ في المجالِ الذي يُحبُّه، والتخصصِ الذي يَحلُم به.
وردتْ هذه القصة في مقدمة كتابِه الذي عنونَه بـ (Plot & Structure) حيث سرد لنا تفاصيل معاناتِه وصراعه المرير مع عَدَّوتِه اللّدُودة التي كادتْ أن تهزمَه، وتنهي حُلُمه في أن يصير كاتبا ناجحا ومحترِفا وإلى الأبد. اكتشف جيمس سكوت عِشقَه ووَلَعَهُ بالكتابة منذ أن كان يافعا، هذا الحب والولع، ولَّدَهُ لديْهِ الكَمُّ الكبير من الروايات والقصص التي قرأها، لقد دفعتْه شدة التأثير بالحُبْكة السردية المُتقنة والشديدة الترابط والانسجام في الروايات التي قرأها، إلى محاولة إنتاج نصوصٍ مُماثلة بنفس الجودة التي يجدها في كل مقروءاته، وبعد محاولات عديدة للكتابة، استغرتْ منه جهدَه ووقتَه وكثيرا من المِداد والأوراق والسهر والعزلة، لم يُفلح جيمس في إنتاج ولَوْ نصٍّ واحد مقبولٍ من حيث الحكي والسرد. وتأكد لجيمس أن لتك الأفكار التي طالما أوحتْ بها له عَدُوَّتُه التي كانت تٌثبط مساعيه في أن يحاولَ أن يَكون كاتبا ناجحا يوما ما، وكانت من بين الحجج التي تسوقُها له باستمرار، أن الكتابة مَلَكَـة ذاتية يمنحها الله لمن يشاء ويمنَعها عمن يشاء، والكُتَّــاب يولدون ولا يُصنعون، وأن فِعل الكتابة غيرَ قابلٍ للتعلم، ولن تصير أبدا كاتبا ولو قضيتَ كلَّ حياتِك تتدرب على حرفة الكتابة.
لقد كان جيمس سكوت على صواب، عندما لم يقطع صلته بالقراءة والكتابة، هذا أعطاه الكثير من الزاد المعرفي واللغوي، وجَعَلَهُ يحتك بعشرات الكُتَّــابِ المتميزين على مستوى العالم، عبر مئات الكتب التي قرأها لهم. قد تتساءلون عن العدوة اللَّدودة التي حارَبَتْ جيمس سكوت، وكادتْ تقتل حُلمَه في أن يصير كاتبا محترفا، هذه العدوة سماها جيمس نفسُه في مقدمة كتابه، بــ "الكِذبة الكبرى" التي كانت تتمثَّل أمام عيْنَيْهِ كلما همَّ بالكتابة، إنها نفس الكذبة التي كانت تقول له إن الكُتَّــابَ يُولَدُون بالفِطرة ولا يُصنعون. لقد أخلص جيمس سكوت إلى الكتابة وأحبَّها بصدق، ولم يتخلى عنها أبدا، رغم كل محاولاتِه الفاشلة والمحتشِمَة في بداياته الأولى. وظل ملتزما بِفِعْلِ الكتابة، مُواظبا عليه باستمرار، ولم ييأس رغم الوساوس التي كانت تبثُّها له تلك الكذبة الكبرى. تَمُرُّ سنوات ويكتشف جيمس سكوت أنه استطاع فعلا وبكل اقتدار أن يصير كاتبا حقيقيا متميزا ناجحا ومحترفا، تماما كما كان يحلم من قبل.
مجهود رائع ومدونة رائعة
ردحذفالريم المطاعني
مدونه رائعه 🤍🥀
ردحذف